الجزيرة نت

الاثنين، 17 يناير 2011

ايمان يحيي : فقراءُ نحنُ


استيقظت فزعةً بتأثير كابوس يطابق تماما واقعاً تُعايُشه, استيقظت طفلتنا هذا إن سلمنا بأنها نامت ليلتها تلك أو حتى لياليَّ سابقة حتى تستيقظ الآن.
 تخاف الليل هي كسائر أطفالنا إلا أنها كانت تملك سببا آخر يزيد خوفها ويضاعف من لون سواد ليلها ويبذر الرعب في فراشها المُبتل بردة فعل جسدها المغتصب, جسد طفلتنا التي أُجبر عقلها الصغير أن يعرف مُبكراً معنى الحقارة.
تسرب صوت صرير باب يُفتح إلى أذنيها ونادى صوت أشبه ما يكون بصوت العار الذي لم تجلبه لنفسها, نادى همساً اسمها فتكومت أكثر على نفسها واجبرها رعبٌ ساحقٌ أن تسقي أغطيتها مرة ثانية أو لعلها كانت الثالثة, اقترب الصوت منها  فما كان منها إلا أن أزاحت عينيها ويديها عن دميةٍ  تحتضنها لتسحب أغطيتها المُبتلة وتلتف حولها في مُحاولة منها لإخفاء جسدها بين طياتها التي كانت بالنسبة لها خندق كم تمنت أن يمنع العدو عنها  فعقلها الصغير صور لها أنها هناك تحت أغطيتها ستقبع بأمان بعيداً عن يد الشيطان , إلا أنها علمت علم اليقينً أن يداً سوداء ملعونة ستنتشلها من بين طيات أغطيتها وستعبث بجسدها الطاهر وستتركها تعاني شتى أنواع العذاب الروحي الذي بات رفيقها بدل دميتها تلك التي رمت بها بعيداً يد استباحت جسد طفلة فسكنها ذنب إثم لم تقترفه يداها.
كان جالسا بقربها ذئب ينهش عرضها, يتأملها بنظرة أصابتها بقشعريرةٍ ارتجف بفعلها جسدها الصغير المبتل البارد ,نظرة ظلت ترافقها طيلة حياتها التي جاهدت كثيراً لئلا تنعتها بالتعيسة ولكن هيهات هيهات, فالتعاسة كُتبت عليها, والألم قُدر لها ولازمها لا بل وسار معها جنباً بجنب وهي تشيع ابتسامةً حاولت صادقة جاهدة أن تضيء وجه طفلة كانت.
 كانت يده النجسة تتسلل كأفعى تحت ثيابها مخترقة حاجز القرابة, حاجز العمومة التي ينسبها إليه, عمومة فقط كتبت على الورق, ورق ذاب واختفى بعد أن ارتوى حتى الثمالة بدمعٍ حارقٍ من عيني طفلة اشمأزت واهتزت وتشتت من واقع حياة صفعتها بقوة, فكسرت فيها كرامتها.
فقير أنت, يعوزوك كل شيء, حتى بات سهلاً عليك أخذ كل شيء , تتراقص فرحا وتشتمُ وتقبل يداً نجسة تركت أثار فتحك الآثم بعد انتصارك في معركة خُضتَها ضد جسد طفلة قُدر لها أن تستقبل الشيطان في فراشها كل ليلة فكسر روحها وحفر عميقاً ليزرع بقلبها شجرة أعطت أُكلها كل حين ثماراً سوداءَ, شجرة لازلت تُسقى بدموع امرأة اغتصبت طفولتها فانقلبت حياتها ليلاً طويلاً ينتظر بزوغ فجر يوم قادم لا محالة, يومٍ كُتب له أن تُشيع فيه جنازة ابتسامة حاولت صادقة جاهدة أن تزين وجه امرأة كانت يوما ما طفلةً تُركت لتعاني شتى أنواع العذاب الروحي الذي بات رفيقها بدل دميتها تلك التي رمت بها بعيداً يدٌ عبثت واستباحت جسدها فسكنها ذنب إثم لم تقترفه أبداً يداها.
اعذروني سادتي فقد أخبرتكم للتو بأنه في يومٍ ما مضى, فقير كان, ولا زال هو, يعوزه كل شيء حتى بات سهلا عليه أخذ كل شيء , فقيرٌ تراقص فرحا واشتمَ وقبّلِ يداً نجسة تركت آثار فتحها الآثم بعد معركة  خاضها ضد جسد طفلة قُدر لها أن تستقبل الشيطان في فراشها كل ليلة, طفلة أصبحت اليوم ذكرى امرأة أراها وأنا أُحدثكم الآن تُشيع جنازة أُخرى لابتسامة أُخرى حاولت صادقة جاهدة أن تزين وجه امرأةٍ  مكفهر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق